الأحد، 13 ديسمبر 2015

التدريس التبادلي في تدريس القراءة

التدريس التبادلي : عبارة عن أنشطة تعليمية تأتي على هيئة حوار بين المعلم والطلاب ، أو بين الطلاب بعضهم البعض ، بحيث يتبادلون الأدوار طبقا للاستراتيجيات الفرعية المُتضمنة  ( التنبؤ – والتساؤل – والتوضيح – والتصور الذهني – والتلخيص ) بهدف فهم المادة المقروءة ، والتحكم في هذا الفهم عن طريق مراقبته وضبط عملياته ( Palincsar A. , 1986 ).

وتصلح هذه الاستراتيجية للاستخدام في أي فرع من فروع المعرفة وبخاصة القراءة .

 

ويمكن وصف هذه الاستراتيجيات كما أوردها ( Brown, A, Campione, 1992 ) كما يلي :

أ- التنبؤ Predicting : تتطلب هذه الاستراتيجية  من القارئ أن  يضع فروضا أو يصوغ توقعات عما سيناقشه المؤلف في الخطوة التالية من النص ، الأمر الذي يوفر هدفا أمام القارئ ، ويضمن التركيز في أثناء القراءة ؛ لمحاولة  تأكيد أو دحض هذه التوقعات ، كما أنه يتيح فرصا أمام القارئ لربط المعلومات الجديدة التي سيحصل عليها من النص مع تلك التي يمتلكها فعلا ، بالإضافة إلى ما يؤدي إليه ذلك من تمكين القارئ من عملية استخدام تنظيم النص عندما يتعلم ويدرك أن العناوين الرئيسة والفرعية والأسئلة المتضمنة في النص تعد وسائل مفيدة لتوقع ما يدور حوله المحتوى في كل جزء من أجزاء النص المقروء .

         أي أنها تهتم بصنع توقعات أو افتراضات عن المقروء قبل القراءة الفعلية ، وهذا يعمل على ربط الخبرات السابقة بما سيتناوله الموضوع ، مما ييسر فهمه من ناحية ، ومن ناحية أخرى فهو يهيئ الذهن لعملية نقد المقروء من خلال استدعاء بعض المعلومات التي قد تكون معاني كلمات أو حقائق أو مفاهيم مما يحتاجه القارئ لتقييم المادة المقروءة وإصدار حكم بشأنها ، وأيضا الكشف عن أساليب الدعاية في ضوء ما تحث عليه الألفاظ المستخدمة سواء في التحفيز على عمل ما أم التحذير من عمل آخر .

ويمكن للمعلم أن يساعد طلابه على أن يتوقعوا ما ستتناوله قطعة قرائية ما من خلال المساعدات التالية :

            ? قراءة العنوان الأصلي والعناوين الفرعية .

          ? الاستعانة بالصور ( إن وجدت ) .

          ? الاستعانة بالأسئلة التي يضمنها الكاتب متن النص .

          ? قراءة  بعض  الجمل في الفقرة الأولى .

          ? قراءة السطر الأول من كل فقرة في النص .

          ? قراءة الجملة الأخيرة من الفقرة الأخيرة .

          ? ملاحظة الأسماء ، والجداول ، والتواريخ ، والأعداد .

ويجب على المعلم أن يوضح للقارئ : أنه يمكنه الاكتفاء بواحدة فقط من هذه المساعدات وفق مستواه القرائي .

 

بـ- التلخيص  Summarizing: هذه الاستراتيجية تتيح الفرصة أمام القارئ لتحديد الأفكار الرئيسة في النص المقروء ، وأيضا لإحداث تكامل بين المعلومات المهمة في النص ، من خلال تنظيم وإدراك العلاقات بينها .

         وتشير هذه الاستراتيجية إلي العملية التي يتم فيها اختصار شكل المقروء ، وإعادة إنتاجه في صورة  أخرى من خلال مجموعة من الإجراءات تبقي على أساسياته وجوهره من الأفكار الرئيسة للنقاط الأساسية ، مما يسهم في تنمية مهارة القارئ في التركيز على المعلومات المهمة من الحقائق والأدلة ، وأيضا تعرف غير المهم من خلال استبعاده .

وعلى المعلم أن يبين لطلابه أن القارئ يمكنه تلخيص المقروء بشكل جيد من خلال :

? التأكيد على استخدام كلمات الطلاب الخاصة ، وليس الاقتباسات من أجل تعزيز فهم المقروء .

? تحديد الفترة الزمنية للتلخيص ، سواء أكانت كتابية أم شفهية ؛ للتأكد من أن الطلاب قد حكموا على الأهمية النسبية للأفكار .

? ترك الطلاب يُناقشون مُلخصاتهم ، وخاصة وضع معايير لقبول أو استبعاد المعلومات    ( دونا لد أورليخ ، وآخرون ، 2003 ، 503 ) .

       ? حذف المعلومات غير الضرورية .

       ? حذف المعلومات المكررة .

       ? الاهتمام  بأدوات استفهام مثل ( من ، ماذا ، متى ، أين ، لماذا ، وكيف )

       ? التركيز على مصطلحات العناوين أو المصطلحات المهمة  أو الأفعال .

كما يمكن للمعلم أن يرسم الجدول التالي على السبورة أمام الطلاب :

 

ماذا سألخص ؟

بما ذا يبدأ ؟

ما المضمون الأساسي ؟

بما ذا ينتهي ؟

 

 

 

 

ثم يطلب منهم أن يفكروا بصوت مرتفع ، عما ينبغي اتباعه لملء الجدول الموضح .

ثم يكتب جملة التلخيص (عندما ينتهي من ملء الجدول ) مستخدما المعلومات الموجودة في كل عمود من الجدول .

ثم يرشدهم لكي يسألوا أنفسهم الأسئلة التالية –  بصوت مرتفع -  بعد كتابة الملخص :   

· هل هناك معلومة مهمة غير متضمنة بالملخص ؟

   ·ما الخطوات التي اتبعت ؟ وما الطرق الصعبة التي توصلوا إليها ؟ وما المشاكل التي طرأت عليهم ؟ وما النتيجة النهائية ؟   

     · هل المعلومات في ترتيبها الصحيح كما عبر عنها الكاتب ؟       

· هل سُجلت المعلومات التي اعتقد الكاتب أنها أكثر أهمية من غيرها ؟

وعلى المعلم أن يكون على وعي تام  بأن مهارة التلخيص ليست بالعمل السهل ، بل هي استراتيجية صعبة بالنسبة للطلاب ، وعليه إعادة النمذجة مرة تلو الأخرى ؛ للتأكد من تمكن الطلاب منها .

 

جـ- التساؤل  Questioning: عندما يولد القارئ أسئلة حول ما يقرأ ، فإنه بذلك يحدد درجة أهمية المعلومات المتضمنة بالنص المقروء ، وصلاحيتها أن تكون محور تساؤلات ، كما أنه يكتسب مهارات صياغة الأسئلة ذات المستويات المرتفعة من التفكير .

وهنا يجب على المعلم أن يساعد طلابه على توليد مجموعة من الأسئلة الجيدة حول أهم الأفكار الواردة في القطعة ،  ثم محاولة الإجابة عنها ، مما يساعد القارئ على تحليل المادة المقروءة ، وتنمية مهارته الموازنة بين المعلومات المهمة وغير المهمة .

وعليه كذلك أن يوضح لطلابه أن هناك مجموعة من أدوات الاستفهام تستخدم في صوغ أسئلة حول المعلومات السطحية الظاهرة في النص ، ومنها ( من ؟ / ماذا ؟ / أين ؟ / متى ؟ ) وأن هناك أدوات أخرى لصوغ أسئلة حول العلاقات بين المعلومات أو المعاني الكامنة ، ومنها ( لماذا ؟ / كيف ؟ / هل يجب ؟ / هل سوف؟ / هل كان ؟ / فيم يتشابه أو يختلف ؟ ) .

ثم بعد ذلك يصوغ المعلم بعضا من الأسئلة حول الفقرة المعروضة ، ثم يلفت نظر طلابه للتفكير بصوت مرتفع وتوضيح كيفية انتقاء المعلومات ( متون الأسئلة ) وكيفية صياغتها بشكل جيد ، وكذا ما يتبع للإجابة عنها .

 

د- التصور الذهني Visualization : يقوم القارئ بالتعبير عن انطباعاته الذهنية حول المحتوى المقروء من خلال رسم الصورة الذهنية التي انعكست في مخيلته عما قرأ ، مما يساعده على الفهم الجيد للمعاني التي تعبر عنها الألفاظ المستخدمة في النص المقروء .

         وهنا يجب أن يبين المعلم لطلابه أنه عندما يقرأ الإنسان حول موضوع معين ، فثمة تصور ذهني تحضره الكلمات والتعبيرات المختلفة إلى عقله ، فقد يرى أشياء أو يسمع أصواتا تبعثها الكلمات وتعكسها الأحداث ، والاستراتيجية تشير إلى الإجراءات التي تساعد القارئ أن يتوقف أمام هذه الحالة الوسيطة بين استثارة الألفاظ واستجابات المعنى ليرسم صورة عن انطباعه عما قرأ ، مما يساعده في فهمه ، ومن أجل النقد فإن هذه الاستراتيجية تنمي مهارة القارئ في التوصل إلى الأغراض غير المعلن عنها تصريحا فيما يقرأ ، أو التي لا تكفي التلميحات في توضيحها .

 

 هـ- التوضيح  Clarifying: عند ما ينشغل القارئ في توضيح النص  ، من خلال تحديد نقاط الصعوبة فيه سواء من المصطلحات أم المفاهيم أم التعبيرات ، فإن هذا الإجراء يوجهه إلى الاستراتيجية البديلة للتغلب على هذه الصعوبات إما بإعادة القراءة أو الاستمرار أو طلب المساعدة .

         أي أن المقصود بهذه الاستراتيجية : الإجراءات التي تتبع لتحديد ما قد يمثل عائقا في فهم المعلومات المتضمنة بالمقروء سواء كلمات أم مفاهيم أم تعبيرات أم أفكار ، مما يساعد القارئ على اكتشاف قدرة الكاتب على استخدام الألفاظ والأساليب في التعبير عن المعاني ، والاستعانة بمساعدات من داخل القطعة أو خارجها للتغلب على هذه الصعوبات من مثل :

         ? نطق الكلمات جهريا لاستدعاء مراد فات من الذاكرة .

         ? الاستعانة بالسياق لتوضيح المعنى .

         ? تحديد نوع الجمل والعبارات أهي خبرية أم استفهامية .

         ? الاستعانة بعلامات الترقيم لتوضيح العلاقات بين الكلمات والجمل .

         ? استخدام المعجم للكشف عن المعاني .

       ويمكن للمعلم تحقيق ذلك بتوجيه الطلاب إلى وضع خط تحت الكلمات أو المفاهيم أو التعبيرات التي قد تكون غير مألوفة أو تمثل صعوبة في الفهم ، أو مطالبته الطلاب بتطبيق الإجراءات الموضحة أو بعضا منها بغرض التوضيح ، والتفكير بصوت مرتفع حول كيفية تحديد عوائق الفهم ، وكيفية استخدام إجراءات التوضيح .

 

الخريطة الدلالية في تدريس القراءة

تستخدم الخريطة الدلالية في تدريس القراءة باتباع الخطوات التالية :
·    يبدأ المعلم بكتابة كلمات أساسية مرتبطة بموضوع القراءة ، ثم يستثير خلفية المتعلمين المعرفية بطرح أسئلة ترتبط بالكلمات الأساسية ، وتسجيل إجابات المتعلمين على جانب من السبورة .
·    يناقش المعلم المعلومات المطروحة ؛ لتصنيفها في فئات متاشبهة .
·    توضع التصنيفات في شكل خريطة ، تقوم على وضع الفكرة الرئيسة وسط الخريطة ، وربطها بالتصنيفات الفرعية .
·    يوجه المعلم المتعلمين لقراءة الموضوع قراءة صامتة .
·    يبني المتعلمون خريطة أخرى بعد القراءة على النحو الذي بنى به المعلم خريطة ما قبل القراءة .
·    يناقش المعلم الخريطتين ؛ لإدراك أوجه الشبه والاختلاف بينهما .
·    يستقر المتعلمون على شكل نهائي للخريطة .
·    يعطى المتعلمون موضوعا آخر ؛ لقراءته وعمل خريطة دلالية له ، كنشاط بيتي .
 
ومن خلال العرض السابق لاستخدامات الخريطة الدلالية يمكن تحديد إجراءات بنائها لتنمية مهارات الفهم القرائي في الدراسة الحالية كما يلي :
·    توجيه المتعلمين لقراءة بعض الكتب والمقالات المرتبطة بموضوع القراءة ؛ لاكتساب خلفية معرفية عن الموضوع .
 ·تقديم الموضوع : حيث يعلم المتعلمون بموضوع القراءة ، ويكتب العنوان وسط السبورة ، أو على جهاز العرض العلوي .
·    العصف الذهني : حيث يستثير المعلم معرفة المتعلمين السابقة بطرح الأسئلة المرتبطة بالموضوع على أن يجيب عنها المتعلمون .
·         يكتب المعلم المعلومات المُستنبطة على جانب من السبورة أو على جهاز العرض العلوي .
·    يناقش المعلم المعلومات ؛ لتصنيفها في فئات ومجالات متشابهة .
·    توضع هذه التصنيفات في شكل خريطة دلالية ، تتفق وطبيعة موضوع القراءة .
·    يوجه المتعلمون لقراءة الموضوع قراءة صامتة .
·    يناقش المتعلمون لاستخراج مزيد من المعلومات والأفكار ، ثم تصنف في مجموعات متشابهة .
·    توضع هذه التصنيفات في شكل خريطة لما بعد القراءة ، على النحو الذي مثلت به خريطة ما قبل القراءة .
·    يوازن المتعلمون بين الخريطتين ؛ لإدراك أوجه الشبه والاختلاف بينهما .
·    يناقش المعلم المتعلمين لرسم نموذج متكامل للخريطة ، ويعطيه لهم ليراجعوا الدرس من خلاله .
·    يُعطى المتعلمون موضوعا آخر ؛ لقراءته وعمل خريطة دلالية له ، كنشاط بيتي .
 
5- أدوار المعلم في استراتيجية الخريطة الدلالية :
تتعدد أدوار المعلم في استراتيجية الخريطة الدلالية ، على أن السمة المميزة لهذه الأدوار هي الإيجابية بداية من التهيئة وحتى نهاية الحصة ، ويمكن تحديد هذه الأدوار في النقاط التالية :
أ‌-   قبل القراءة : حيث يوجه المعلم المتعلمين لقراءة موضوعات أو كتب معينة لاكتساب خلفية معرفية عن الموضوع ، ثم يختار المفردات والأفكار الرئيسة التي يدور حولها الموضوع ، ثم يعدُّ الأسئلة الاستنباطية التي تساعد على تقديم المعلومات والمقترحات من المتعلمين ؛ لوضعها في خريطة ما قبل القراءة .
ب‌- في أثناء القراءة : ويتمثل دوره في توجيه المتعلمين لقراءة الموضوع قراءة صامتة محددا لهم كيف يقرءون ولماذا يقرءون وكم من الزمن يلزمهم للقراءة .
ت‌-  بعد القراءة : حيث يستثير المتعلمين لإضافة مزيد من المعلومات للخريطة السابقة وكذا لتصميم خريطة أخرى ومقارنتها بالخريطة السابقة ، وتوجيه المتعلمين لعمل خرائط دلالية لموضوعات أخر كنشاط بيتي . ( Martha R. Haggard, 1985, p. 207 )
 
6- أدوار المتعلم في استراتيجية الخريطة الدلالية :
يقوم المتعلم بدور مهم في استراتيجية الخريطة الدلالية ، حيث إنه محور النشاط فيها ، والمتحكم الأساس في مدخلاتها ( من معلومات ومفاهيم وأفكار وأمثلة .... ) كما أنه المستفيد من مخرجاتها ، حيث يتعود التفكير والنقد والاسترجاع السريع للمعلومات ، ويتضح دور المتعلم في استراتيجية الخريطة الدلالية خلال مراحل الدرس على النحو الآتي :
أ‌-   قبل القراءة : حيث يقدم الأفكار والمفاهيم والمعلومات التي ترتبط بالمفاهيم الرئيسة التي يقدمها المعلم ، كما يقوم بتصنيفها في مجموعات متشابهة ، ويساهم في رسم شكل خريطة ما قبل القراءة .
ب‌- في أثناء القراءة : حيث يركز في أثناء القراءة الصامتة ؛ لاستخراج مزيد من المعلومات الأساسية والتفاصيل الضرورية لإضافتها لخريطة ما قبل القراءة وإكمالها .
ت‌- بعد القراءة : حيث يبني أو يساعد في بناء خريطة أخرى ، ثم يقارن خريطة ما قبل القراءة بخريطة ما بعد القراءة ؛ لبيان أوجه الشبه والاختلاف بينهما والتوصل إلى خريطة دلالية مكتملة لموضوع القراءة .
وبعد العرض السابق لماهية الخريطة الدلالية ، وإجراءات بنائها يعرض الباحث للاستراتيجية الثانية